المرأة جاء الإسلام وجعلها كفئاً للرجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "النساء شقائق الرجال" وربنا يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ} ولذلك فهناك مساواة بين الرجل وبين المرأة، وإن لم يكن هناك تساوٍ -التساوي غير المساواة- فالمساواة في الحقوق وفي الواجبات، في التكاليف وفي الأحكام. ولكن التساوي قد يكون في الوظائف، في الخصائص، في المراكز القانونية وهذا لا يحدث بين الرجل والمرأة.
والنبي صلى الله عليه وسلم نبه إلى ذلك تفسيرا لقوله الله تعالى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} فالمرأة تفرح لأنها امرأة والرجل يفرح لأنه رجل، وكل منهما يسأل الله تعالى أن يوفقه فيما أقامه فيه.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال"، ولذلك فالرجل والمرأة يمثلان دائرة متكاملة، ومن هنا تأتي فكرة المساواة لا التساوي، فالتساوي يأبى هذا التكامل ويأبى توزيع الأدوار بين الخلق: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}. إذن فهي نفس واحدة جاءت منها المرأة وجاء الرجل، ولذلك فينبغي علينا أن نؤمن بالمساواة وأن نرفض فكرة التساوي؛ لأنه يجب على كل طرف من الأطراف أن يكون معتزا بنفسه.
ونأتي للسؤال بعد هذه المقدمة، السيدة عائشة كانت من المجتهدين، السيدة أم سلمة كانت من كبار العلماء، سيدنا ابن حجر العسقلاني مات سنة 852 هـ كان له أكثر من 50 شيخة درس عليهن، فالمرأة قد تكون عالِمَة وقد تكون داعية وقد تكون واعظة؛ وذلك لأن هناك مساواة بين الرجل وبين المرأة..
في كثير من الأحيان نرى مجتمعاً تسود فيه الذكورة أو الرجولة وتقل فيه أدوار المرأة، ولكن الاسلام يمكّن المرأة أن تقوم بدورها في المجتمع كأم، كعالِمَة، كداعية، كأستاذة، كفقيهة، كمجتهدة، ولا بأس في ذلك.
ولذلك النساء المتصدرات وجدنا منهن الشعراء، ووجدنا منهن الحكام -أكثر من 90 امرأة تولت الحكم- ووجدنا منهن القضاة -"شغب" و"ثمن" تولين القضاء في عصور العباسيين- وهكذا.
فيجوز إذن للمرأة أن تكون داعية، وتظهر على شاشات التلفاز بهدف الدعوة إلى تعاليم الإسلام.
وهناك سؤال آخر:
تقوم سيدة بإسداء نصائح عن العلاقة الزوجية الخاصة، ويكون رأيها مشفوعاً بخلفية علمية متخصصة مع خلفية دينية، ويكون هذا عبر برنامج تليفزيوني أو مقال في مجلة أو جريدة فهل يجوز؟
هذا أيضا مع ما قدمناه فهذا جائز وهو مشاركة حسنة ولكن يشترط في المرأة أن تكون عالمة ولا نريد إثبات حالة، نحن نريد أن تكون المرأة فعلاً مؤهلة للمنصب أو للموضع أو الموقع الذي تساهم فيه، ولذلك نرى أن نساء كثيرات تولين رئاسة الوزراء مثل أنديرا غاندي ومثل سيرلانكا ومثل في لندن مدام تاتشر، ولكن نرى مثلا في الولايات المتحدة لم تتولّ واحدة منصب رئاسة الجمهورية؛ لأنه لم تأتِ بعدُ من تستطيع أن تقوم بهذه المهمة، لا نريد إثبات الحالة ولكن نريد أن نضع الكفاءات المناسبة في المكان المناسب.